الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المرسلين، نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ فإنَّ كليةَ الشريعة في جامعة علوم الشريعة منارة سامقةٌ في سماء العلم، إذ تنهضُ برسالةٍ جليلةٍ قوامُها تأصيلُ العلوم الشرعية على منهاج السلف، وبناءُ العقول الواعية القادرة على فَهمِ الشريعة فهماً دقيقاً، واستنباطِ أحكامها من أدلتها التفصيلية، بما يُعيد إلى الأمة وعيَها بمقاصد شريعتها في واقعٍ تتزاحمُ فيه النوازلُ، وتتشابكُ القضايا. وتضمّ الكلية قسمين علميين راسخين في جذر العلم وميدانه: فقسمُ الفقه وأصوله يُعنى بتربية الملكة الفقهية في طلابه، وغرسِ أصول النظر والاجتهاد في نفوسهم، ليكونوا مناراتِ هدايةٍ في مسائل الفقه المالكي والفقه المقارن، يستضيئون بتراث الأئمة، ويجتهدون بنورٍ من الدليل والميزان. وأمّا قسمُ الاقتصاد الإسلامي؛ فهو مَعينٌ صافٍ لدراسة النظم الاقتصادية في ضوء مقاصد الشريعة، يُظهرُ عظمةَ التشريع في تنظيم المعاملات، ويُبرزُ قدرةَ الاقتصاد الإسلامي على معالجة قضايا العصر المالية معالجةً تنسجمُ مع روح الدين ومقتضيات الواقع. وإنّ الكليةَ لتسعى – بعزيمةٍ لا تعرف الفتور – إلى الجمع بين أصالة التراث الفقهي ووعي الواقع المتجدد، وإلى توظيف العلوم الشرعية توظيفاً ينهضُ بحاجات الأمة الشرعية والاجتماعية والاقتصادية، في إطارٍ من البحث الجادّ، والمسؤولية العلمية، والولاء للقيم الأصيلة، كما تُعنى بتطوير بيئةٍ أكاديميةٍ تُحفّز على البحث المؤصّل، وتعمل على مدّ جسور التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية في الداخل والخارج، خدمةً لرسالتها السامية وأهدافها الاستراتيجية في خدمة الدين والوطن والمجتمع. فنسألُ اللهَ تعالى أن يوفّقنا جميعاً لحمل أمانة هذا العلم الشريف، وأن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم، وأن يبارك في جهود جميع منتسبي كلية الشريعة، من أساتذةٍ وموظفين وطلبة، في سعيهم المبارك لرفعة العلم ونفع الأمة. إنه وليُّ التوفيق، والقادرُ على كلّ خير.